انتشرت فی الآونة الأخیرة الكثیر من التقاریر التی تكشف مدى البذخ والتبذیر والترف داخل الأسرة الحاكمة السعودیة، فی الوقت الذی یئن فیه الشارع السعودی من إجراءات التقشف التی اتخذتها السلطات، وهذا الأمر دفع الكثیر من الناس إلى التفكیر بأن النظام السعودی یدعو الی الفقر والتقشف فی الوقت الذی یصرف فیه الملیارات على رفاهیة أمرائه وملوكه. حیث تناقلت مؤخراً تقاریر مختلفة تفید بأن ملك السعودیة أنفق 100 ملیون دولار فی عطلته الصیفیة السنویة التی قام بها فی المغرب.
ولقد كشف المغرد السعودی الشهیر ب"مجتهد" مؤخراً عن قصة الإرث الذی تركه أحد الأمراء السعودیین لورثته على حسابه فی تویتر. ولقد قام "مجتهد" بكتابة عبارة "لا تعلیق" بجانب هذه الرسالة، التی نُشرت كصورة فی حسابه على تویتر.
ووفقا لتلك الصورة فلقد بلغت الثروة التی تركها الأمیر مشعل بن عبد العزیز أكثر من 1199 ملیار ریال سعودی، أی ما یعادل أكثر من 319 ملیار دولار أمریكی. ولقد تم تقسیم هذه الثروة بین زوجتیه (كل منهما حصلت على 75 ملیار ریال سعودی) وبناته السبع ( كل واحدة حصلت على 45.65 ملیار ریال سعودی) وأبناؤه التسعة (كل منهم حصل على 91.3 ملیار ریال سعودی). وكذلك یبلغ حجم التداول المالی الذی یتحكم فیه ورثة هذا الأمیرالسعودی تقریبا ب1430 ملیار ریال سعودی.
وتجدر الإشارة هنا بأن الأمیر مشعل بن عبد العزیز آل سعود هو الابن الثالث عشر للملك عبد العزیز "مؤسس آلأسرة الحاكمة السعودیة" ولقد ولد فی عام 1926 میلادی. وفی الفترة من 2007 إلى 2017، كان هذا الأمیر رئیساً للجنة البیعة وكان أیضا احد كبار أعضاء عائلة آل سعود. وخلال القترة من 1951 إلى 1953 كان وزیراً للدفاع فی السعودیة، ومن عام 1963 إلى 1971 كان أمیراً على مكة المكرمة.
الجدیر بالذكر هنا أیضا أنه ظهرت تقاریر إعلامیة ودراسات بالتزامن مع تغریدة "مجتهد" هذه، حیث ركزت هذه التقاریر على اتساع الفجوة بشكل كبیر بین طبقات المجتمع السعودی نظرا للتوزیع الغیر عادل للثروة فی هذا البلد التی تبلغ نسبة البطالة فیه أكثر من 12.5% رغم أنه یعوم على بحر من البترول ویعتبر من أغنى دول العالم. هذا الحال أكدته تقاریر غربیة كثیرة، خاصة مع وصول معدلات الاحتیاجات والفقر إلى مراحل غیر مسبوقة فی تاریخ المملكة. ولقد نقلت صحیفة "الفایننشیال تایمز" البریطانیة أن جزءا كبیرا من مخصصات النفط الهائلة تذهب إلى الأسرة الحاكمة.
وفی سیاق متصل كشف موقع ویكیلیكس أن مخصصات أمراء السعودیة تكلف الخزینة السعودیة ملیارات الدولارات. وقالت وكالة رویترز للأنباء حول هذا الأمر فی تقریر نشرته بناء على اطلاعها على مجموعة من وثائق ویكیلیكس أن مجموعة من الأمراء فی السعودیة ینفقون مبالغ تصل إلى 10 ملیارات سنویًا.
ومن جهة أُخرى كشفت صحیفة "نیویورك تایمز"، فی تقریر لها بأن ثروة الأمراء تثیر غضب السعودیین الذین أنهكتهم قرارات زیادة فواتیر المیاه والكهرباء والبنزین، بینما لم تتضرر المنح المخصصة لأفراد العائلة الحاكمة. وأمام الأزمة المالیة التی كانت تواجه السعودیة فی عام 2016م، كان أبناء آل سعود یصرفون أموالهم على شراء العقارات فی فرنسا. فمثلاً، اشترت إحدى الأمیرات السعودیات شقة ب30 ملیون دولار فی فرنسا.
ففی مقابل القصور الفاخرة والسیارات الحدیثة ووسائل الراحة والرفاهیة العصریة التی یغرق فیها أمراء آل سعود، ثمة بیوت من الصفیح وأكواخ طینیة ضیقة موزعة على هوامش المدن الكبرى فی السعودیة، حیث یعیش فیها مئات الألوف من أبناء الشعب السعودی فی ظروف إنسانیة صعبة یندى لها الجبین .ویبدو أن تلك الأزمات الاقتصادیة التی اعلن عنها الأعلام السعودی تضرب فقط جیوب وبیوت الشعب السعودی، لكنها لم ولن تصل إلى قصور أمراء وملوك السعودیة، ویبدو أن سیاسات التقشف التی نادى بها ولی العهد السعودی لم تصل إلى مسامعه شخصیا. تتضح لنا الأمور هنا بأن هنالك تمییز عنصری فی الداخل السعودی، حیث یعیش الأمراء فی قصور فاخرة ویعیش قسماً من الشعب السعودی فی حالة یرثى لها وهذا كله نتیجة للسیاسة الدكتاتوریة التی یتبعها هذا النظام السعودی.
وحول هذا السیاق نقلت صحیفة الإندبندنت البریطانیة تصریحات للأمیرة بسمة بنت سعود التی تعیش فی العاصمة البریطانیة لندن، عن أن الأمراء فی السعودیة یحتكرون السلطة والثروة ولا یجرؤ أحد على التفوه بكلمة ضد هذا الوضع، مشیرة إلى الفقر والتشدد الدینی وغیرها من الأمور السلبیة فی المملكة. وطالبت الأمیرة بحسن توزیع الثروات على عموم أبناء الشعب السعودی. كما طالبت هذه الأمیرة برد الحقوق المسلوبة من المواطن السعودی من قبل المسؤولین عن توزیع الثروات. ولفتت إلى أنها تحلم بوطنها یسوده العدل والمساواة بحیث لا فوارق بین أمیر ومواطن.
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/8221
الكلمات: